سورة غافر - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


قوله عز وجل: {حم} قال ابن عباس رضي الله عنهما: {حم} اسم الله الأعظم وعنه قال الر وحم ون حروف اسمه الرحمن مقطعة وقيل حم اسم للسورة وقيل الحاء افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنان، والميم افتتاح أسمائه ملك ومجيد ومنان، وقيل معناه حم بضم الحاء أي قضى ما هو كائن {تنزيل الكتاب من الله العزيز} أي الغالب القادر وقيل الذي لا مثل له {العليم} أي بكل المعلومات {غافر الذنب} يعني ساتر الذنب {وقابل التوب} يعني التوبة قال ابن عباس غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله وقابل التوب ممن قال لا إله إلا الله {شديد العقاب} لمن لا يقول لا إله إلا الله {ذي الطول} يعني السعة والغنى وقيل ذي الفضل والنعم وأصل الطول الإنعام الذي تطول مدته على صاحبه {لا إله إلا هو} يعني هو الموقوف بصفات الوحدانية التي لا يوصف بها غيره {إليه المصير} أي مصير العباد إليه في الآخرة.


{ما يجادل} يعني ما يخاصم ويحاجج في آيات الله يعني في دفع آيات الله بالتكذيب والإنكار إلا الذين كفروا قال أبو العالية آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن.
قوله تعالى: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} وقوله: {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن جدالاً في القرآن كفر» أخرجه أبو داود وقال المراد في القرآن كفر وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً يتمارون فقال إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله عز وجل بعضه ببعض وإنما أنزل الكتاب يصدق بعضه بعضاً فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوه وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه».
(م) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال: «إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب» {فلا يغررك تقلبهم} يعني تصرفهم {في البلاد} للتجارات وسلامتهم فيها مع كفرهم فإن عاقبة أمرهم العذاب {كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم} يعني الكفار الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب من بعد قوم نوح {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه} قال ابن عباس ليقتلوه ويهلكوه وقيل ليأسروه {وجادلوا} يعني خاصموا {بالباطل ليدحضوا} يعني ليبطلوا {به الحق} الذي جاءت به الرسل {فأخذتهم فكيف كان عقاب} يعني أنزلت بهم من الهلاك ما هموا هم بإنزاله بالرسل وقيل معناه فكيف كان عقابي إياهم أليس كان مهلكاً مستأصلاً {وكذلك حقت} أي وجبت {كلمة ربك} يعني كما وجبت كلمة العذاب على الأمم المكذبة حقت {على الذين كفروا} يعني من قومك {إنهم} يعني بأنهم {أصحاب النار} قوله عز وجل: {الذين يحملون العرش} قيل حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أردفهم الله تعالى بأربعة أخر كما قال الله تعالى: {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} وهم أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله عز وجل وهم على صورة الأوعال وجاء في الحديث إن لكل ملك منهم وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر، ولكل واحد منهم أربعة أجنحة جناحان منها على وجهه مخافة أن ينظر إلى العرش فيصعق وجناحان يهفو بهما في الهواء ليس لهم كلام غير التسبيح والتحميد والتمجيد ما بين أظلافهم إلى ركبهم كما بين سماء إلى سماء وقال ابن عباس: حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام، ويروي أن أقدامهم في تخوم الأرضين والأرضون والسموات إلى حجزهم تسبيحهم سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح وقيل إن أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفاً من أهل السماء السابعة وأهل السماء السابعة أشد خوفاً من التي تليها والتي تليها أشد خوفاً من التي تليها.
وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام» أخرجه أبو داود وأما صفة العرش فقيل إنه جوهرة خضراء وهو من أعظم المخلوقات خلقاً وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أنه قال: إن ما بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية كخفقان الطير المسرع ثلاثين ألف عام ويكسى العرش كل يوم ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله تعالى والأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة وقال مجاهد بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب حجاب نور وحجاب ظلمة وحجاب نور وحجاب ظلمة وقيل إن العرش قبلة لأهل السماء كما أن الكعبة قبلة لأهل الأرض قوله: {ومن حوله} يعني الطائفين به وهم الكروبيون وهم سادات الملائكة، قال وهب بن منبه: إن حول العرش سبعين ألف صف من الملائكة صف خلف صف يطوفون بالعرش يقبل هؤلاء ويدبر هؤلاء فإذا استقبل بعضهم بعضاً هلل هؤلاء وكبر هؤلاء ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام أيديهم على أعناقهم قد وضعوها على عواتقهم فإذا سمعوا تكبير أولئك وتهليلهم رفعوا أصواتهم فقالوا سبحانك وبحمدك ما أعظمك وأجلك أنت الله لا إله غيرك أنت الأكبر والخلق كلهم إليك راجعون ومن وراء هؤلاء وهؤلاء مائة ألف صف من الملائكة قد وضعوا اليمنى على اليسرى ليس منهم أحد إلا يسبح بتحميد لا يسبحه الآخر ما بين جناحي أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه أربعمائة عام واحتجب الله عز وجل من الملائكة الذين حول العرش بسبعين حجاباً من نار وسبعين حجاباً من ظلمة وسبعين حجاباً من نور وسبعين حجاباً من در أبيض وسبعين حجاباً من ياقوت أحمر وسبعين حجاباً من زبرجد أخضر وسبعين حجاباً من ثلج وسبعين حجاباً من ماء وسبعين حجاباً من برد وما لا يعلمه إلا الله عز وجل.
قوله تعالى: {يسبحون بحمد ربهم} أي ينزهون الله تعالى عما لا يليق بجلاله والتحميد هو الاعتراف بأنه هو المنعم على الإطلاق {ويؤمنون به} أي يصدقون بأنه واحد لا شريك له ولا مثل له ولا نظير له.


{ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم} قيل إذا دخل المؤمن الجنة قال: أين أبي وأين أمي وأين ولدي وأين زوجتي، فيقال: إنهم لم يعملوا عملك، فيقول: إني كنت أعمل لي ولهم فيقال أدخلوهم الجنة فإذا اجتمع بأهله في الجنة كان أكمل لسروره ولذته {وقهم السيئات} أي عقوبات السيئآت بأن تصونهم من الأعمال الفاسدة التي توجب العقاب {ومن تق السيئات يومئذ} يعني من تقه في الدنيا {فقد رحمته} يعني في القيامة {وذلك هو الفوز العظيم} يعني النعيم الذي لا ينقطع في جوار مليك لا تصل العقول إلى كنه عظمته وجلاله قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينادون} يعني يوم القيامة وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم حين عرضت عليهم سيئاتهم وعاينوا العذاب فيقال لهم {لمقت الله} يعني إياكم في الدنيا {أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون} أي اليوم عند حلول العذاب بكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6